تعدد الزوجات في القرآن المظلوم
أ ـ تشريعات القرآن دائما تعلو كمالا ولا يعلى عليها ، يعلو بعضها على بعض تشريعات الناس ولا يعلوا أي من تشريعاتهم على أي منها ، وحقيقة التشريع القرآني في تعدد الزوجات أنه لم يلزم ولم يحرم ؛ بل ترك الأمر خيارا للناس ؛ بل لكل إنسان يشرع فيه لنفسه ما هو الأصلح لها ، ولم يلزم لأنه لو ألزم لأحرج ناسا ، ولم يحرِّم لأنه لو حرَّم كما حرَّمت مجتمعات لحرَم من الزواج نساء . فلو ألزم لشق على كل من لا يستطيع من الرجال وعلى كل من لا تريد من النساء ، ولو حرَّم لحرَم من الزواج كل امرأة قبيحة أو مريضة أو عاجزة أو فقيرة قبحا أو مرضا أو عجزا أو فقرا ينفر منها الرجال ، ولحرَمها من أن يتزوجها محسن برضا زوجته الجميلة السليمة القادرة الغنية رغبة منهما في الإحسان إلى ذوي الاحتياجات الخاصة ، طلبا للأجر في الآخرة أو حتى رعاية لواجبات التكافل الاجتماعي داخل القبيلة أو غيرها من مكونات اجتماعية بشرية تتكافل فيما بينها ، ولو حرَّم وصار النساء أكثر من الرجال بسبب الحروب أو بغير سبب سوى إرادة من يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور سبحانه لحرَم بعض النساء من الزواج .
ب ـ إنه لأمر مذهل سكوت الفقهاء أو غفلتهم عبر القرون عن حقيقة أن الزواج في الأصل عقد رضائي شأنه شأن أي عقد رضائي بين طرفين لكل طرف أن يقبله أو أن يرفضه ولكل طرف إن قبله أن يشترط على الطرف الآخر أي شرط مشروع ، ومن الشروط المشروعة قبول التعدد أو عدم التعدد ، فللرجل أن يشترط على المرأة قبول التعدد إن شاءت أن تعيش معه وللمرأة أن تقبل شرطه أو أن تشترط هي عليه عدم التعدد من دون رضاها إن شاء أن يعيش معها .
ج ـ ليس هناك نص قرآني أو نبوي يحرِّم على المرأة أن تشترط على زوجها ألا يعدد من دون رضاها ؟
د ـ ليس كل ما أحله الله يحرم على العبد تحريمه ؛ لكن ما ألزمنا الله به هو الذي يحرم على العبد تحريمه ، أما ما أباحه الله دون إلزام فيجوز للعبد تحريمه على نفسه كما فعل يعقوب وأخبرنا القرآن عنه فقال ( كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ [03/آل عمران93]) وكما فعل نبينا محمد صلعم وأخبرنا القرآن عنه فقال ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [66/التحريم1]) أي ما أباح الله ، بدليل قوله : لك ، ولو كان إلزاما لكان عليه لا له ، وأما قوله (وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [66/التحريم1]) فليس المعنى غفور رحيم له فهو لم يذنب بل المعنى غفور رحيم لأزواجه لأنهن تآمرن عليه حتى ألجأنه إلى المشقة على نفسه إرضاء لهن بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ، وإذ يحق للمرأة أن تشترط على الرجل إن شاء العيش معها أن يفعل ما يحق له شرعا فعلُه وإذ يحق له شرعا أن يحرم على نفسه المباح وإذ التعدد مباح فلا تثريب على المرأة إذن في اشتراطها عليه عدم التعدد . يجوز للرجل إذن أن يعدد إن شاء وفي المقابل يجوز للمرأة أيضا أن ترفض هذا التعدد .
هـ ـ الناس إذن باختيارهم الحر من تلقاء أنفسهم لا بأمر الدين هم الذين عددوا رضاء أو ظلما ، وكل ما فعله القرآن إنما هو أنه قيد التعدد وزين عدم التعدد وحرم الظلم الذي منه إساءة استغلال رخصة التعدد ، وأما ما عدا ذلك فلم يفعل القرآن شيئا .
1 ـ أما تقييده التعدد فقوله ( مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ [04/النساء3]) أي لا أكثر كما كان قبل التقييد .
2 ـ وأما تزيينه عدم التعدد فقوله (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً [04/النساء3]) ومن من أهل التقى والورع لا يخاف ؟ !
3 ـ وأما إساءة استغلال رخصة التعدد فمنه أن تكون مع زوجة صالحة قائمة بكل حاجاتك الزوجية منها وقد نثرت لك أولادك من بطنها ولم يعد يسيرا عليها أن تعيش بعيدا عنك ، ثم تفاجئها بالزواج عليها بدون ضرورة وبتخييرها بين القبول أو الطلاق ، ناهيك بتخييرها بين القبول أو الخلع المضيع لمستحقاتها من مؤخر صداق أو نحوه .
و ـ إن القرآن لم يذكر التعدد استقلالا أصلا إنما ذكره ذكرا ثانويا تبعا لسياق تنفير عن زواج يهدد الإقساط في اليتامى ، كمن يريد أن يتزوج يتيمة ولا يثق أنه سيقسط إليها أو كمن يريد أن يتزوج أم يتامي ولا يثق أن أولادها آمنون من استئثاره بأمهم من دونهم . فنفر القرآن عن إهدار الإقساط بأسلوب توهمه البعض محاباة للرجال بينما حقيقته تقييد لهم ، فلم يكن الزواج واحدة فأطلقه القرآن إلى أربعة بل كان فوق أربعة فقيده القرآن بالأربعة .
ز ـ إن في البخاري ومسلم وغيرهما من جوامع الآثار المنسوبة إلى النبي أنه صلعم اعترض على زواج علي على فاطمة ابنته ، وبدلا من أن يقدُر العلماء ذلك التأويل النبوي للقرآن حق قدره فيعلموا منه أنه تطبيق من النبي للحق الذي لم يهدره القرآن حق المرأة في أن تطلب من وليها الاعتراض على الزواج عليها ، بدلا من ذلك أولوه تأويلات بعضها أبشع من بعض وأشد صدا عن سبيل الله من بعض .
1 ـ قال بعضهم إنها خصوصية للنبي من دون سائر الناس ولابنته من دون سائر النساء ، ومؤدى تأويلهم هذا أن الله حرم في القرآن على المرأة الاعتراض على التعدد واستثنى من ذلك النبي وابنته ، وهكذا استنبطوا من القرآن ما ليس بقرآن ، وهكذا جعلوا الله الحكيم يبخل على نبيه أن يوحي إليه في ذلك نصا قرآنيا يرفع عنه الحرج في خصوصية هي على ما يشتهيه النبي وابنته ويكتفي بأن يأذن له أن يشرع لنفسه فيها ما يشتهيه هو وابنته معرضا نفسه للشبهات وهو الذي كتم ما أباحه الله له نأيا بنفسه عن تلك الشبهات بأبي هو وأمي ، حتى عاتبه الله في ذلك فقال ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ [33/الأحزاب37]) وهو الذي حرم على نفسه ما أباحه الله له رحمة منه بزوجاته ورفقا بهن بأبي هو وأمي ، حتى عاتبه الله في ذلك فقال (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ [66/التحريم1]) وهو الذي قال لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها بأبي هو وأمي ، وهو الذي بدأ بربا عمه العباس فوضعه حين حرم الله كل الربا ، والأمثلة في مكارم أخلاقه ممتدة بامتداد حياته بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم .
2 ـ قال آخرون لأن رسول الله ـ زعموا ـ قال : أنا أتخوف أن تفتن في دينها ووالله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله أبدا ، وهكذا جعلوا رسول الله يضرب بعرض الحائط قول الله له في القرآن مرارا وتكرارا (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [06/الأنعام164]) (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [17/الإسراء15]) وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [35/فاطر18]) (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [39/الزمر7])
ح ـ أي فتنة تلك التي ستحيق بابنته من زواج علي بامرأة مسلمة صالحة رضي علي خلقها ودينها وليس هو بالمغفل ؟
1 ـ إن كانت لأنها بنت عدو الله فقد بدا مؤدى ذلك أنفا .
2 ـ وإن تكن لشدة غيرة فاطمة فمن من النساء لا تغار ومن أحق ممن وبأي حق ؟
ط ـ إن الله تعالى أحكم وأرحم وأكرم من أن يبخل على نبيه بتشريع قرآني في خصوصية يشتهيها النبي ولو كان القول بتلك الخصوصية صحيحا لنزل بها قرآن كما نزل حين أحل الله لنبيه من النساء من فوق الأربع خصوصية خالصة له من دون المؤمنين إذ قال ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [33/الأحزاب50])
ي ـ إن اعتراض النبي صلعم على زواج علي على فاطمة إن صح لهو تأويل نبوي ناطق بأن من حق المرأة الاعتراض ، وأما القول بعدم الجمع بين بنت رسول الله وبين مسلمة أخرى لأنها بنت عدو الله عند زوج واحد فقول يبرأ منه خلق النبي ودينه براءة الذئب من دم يوسف . إنه لقول باطل متنا وسندا ، أما متنا فلما يترتب عليه من شنيع المآل كما استبان آنفا ، وأما سندا فلأنه من طرق آحاد مدلسين لم يصرح أي منهم بالسماع ، ومن طريق ثقة فرد شاذ مخالف لجمع ثقات فيهم اثنان كل منهما أوثق منه ومن طريق ثقة فرد شاذ آخر خالف جمع ثقات عددهم ثمانية ، كما يلي
خلاصة حديث اعتراض النبي صلعم على زواج علي على فاطمة
تحقيق زيادة أنا أتخوف أن تفتن في دينها ووالله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله أبدا
من خلال موسوعتين على حاسوب ، موسوعة متون بها نحو 300000 تخريجة أو موضع نص بإسناده وموسوعة رجال بها نحو 170000 ترجمة راو بالمكرر تم استخلاص 60 موضعا أن النبي صلعم اعترض على زواج علي على ابنته فاطمة منها 25 موضعا ورد بها زيادة بلفظ لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله أبدا ومن هذه الخمسة والعشرين 19 موضعا ورد بها زيادة أخرى بلفظ أتخوف وفي بعضها أكره أن تفتنوها وفي بعضها يفتنوها وفي بعضها تفتتن وفي بعضها تفتن في دينها وفي بعضها يسوءها ، فإذا هاتان الزيادتان لا يسلم منهما موضع واحد من راو غير ثقة ، أو ثقةٍ لكن مدلس معنعن ، أو شاذ مخالف لأوثق منه .
فمن هذه المواضع 13 تدور على الزهري وهو مدلس معنعن حتى بصيغة أخبرني ( )
ومنها 5 تدور على إبراهيم بن سعد وهو مدلس معنعن ( )
ومنها 1 عن خالد الحذاء وهو مدلس معنعن ( ) عن عكرمة وهو مدلس معنعن ( ) بل مختلف فيه بين مصدق ومكذب ( )
ومنها 1 عن عبد الرزاق وهو مدلس معنعن ( ) عن بن عيينة وهو مدلس معنعن ( ) عن عمرو بن دينار وهو مدلس معنعن ( )
ومنها 1 عن أيوب وهو مدلس معنعن ( ) عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ويخشى أن يكون من المدلسين ( )
ومنها 1 عن حماد بن سلمة وهو مدلس معنعن ( ) عن علي بن زيد وهو مدلس معنعن ( ) بل ضعيف ( )
ومنها 1 عن شعيب وهو مدلس معنعن ( )
ومنها 1 عن بشر بن السري وهو ثقة ( ) لكنه شاذ مخالف لجمع ثقات زاد هذه الزيادة من دونهم عن الليث بن سعد وهم ثمانية أبو الوليد الطيالسي وأحمد بن عبد الله بن يونس وسفيان بن عيينة وشبابة بن سوار وشعيب بن الليث وعيسى بن حماد المصري وقتيبة بن سعيد وهاشم بن القاسم الليثي
ومنها 1 عن سعيد بن محمد الجرمي وهو ثقة فيه تنطع مريب إذ كان إذا حدث فجاء ذكر النبي صلى الله عليه وسلم سكت وإذا جاء ذكر علي بن أبي طالب قال صلى الله عليه وسلم ( ) وهو هنا شاذ مخالف لجمع ثقات زاد زيادة من دونهم عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه إذ جعل أباه المدلس مصرحا بالسماع من دونهم ومنهم اثنان كل منهما أوثق منه هم عبيد الله بن سعد بن إبراهيم ( ) وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين
زاده تحريرا فجر 25/10/2014 بالقاهرة لمن يطلبه ولمزيد بيان على منتداه www . al7k . forumegypt . net منتدى متولي إبراهيم صالح على الشبكة العنكبوتية [جوجل] هاتف 01227972399 أزهري حصل من جامعة الأزهر على ليسانس الشريعة والقانون وليسانس اللغة العربية وبكالوريوس الهندسة ودرس علوم القرآن الكريم والقراءات القرآنية في كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وتتلمذ في علوم الحديث النبوي الشريف على يدي شيخ السلفيين في العالم كله اليومَ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى ، ولا يقلد أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا دليل ، لا سيبويهِ في النحو ولا الشافعيَّ في الفقه ولا البخاريَّ في التصحيح أو التضعيف ، ولا يعبد من دون الله آلهة أخرى ، لا التوثيق المطلق للمجاهيل بالسبر الجزئي بلا دليل ، ولا توثيقهم لمجرد أن روى عنهم أي ثلاثة بلا دليل ، ولا عنعنات بعض المدلسين في كل الكتب بلا دليل ، ولا عنعنات كل المدلسين في بعض الكتب بلا دليل ، تلك الآلهة التي من خلالها ألصق بالإسلام ما ليس منه ، فانصد الناس ولا يزالون حتى اليومِ منصدين عنه خائفين منه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون .
أ ـ تشريعات القرآن دائما تعلو كمالا ولا يعلى عليها ، يعلو بعضها على بعض تشريعات الناس ولا يعلوا أي من تشريعاتهم على أي منها ، وحقيقة التشريع القرآني في تعدد الزوجات أنه لم يلزم ولم يحرم ؛ بل ترك الأمر خيارا للناس ؛ بل لكل إنسان يشرع فيه لنفسه ما هو الأصلح لها ، ولم يلزم لأنه لو ألزم لأحرج ناسا ، ولم يحرِّم لأنه لو حرَّم كما حرَّمت مجتمعات لحرَم من الزواج نساء . فلو ألزم لشق على كل من لا يستطيع من الرجال وعلى كل من لا تريد من النساء ، ولو حرَّم لحرَم من الزواج كل امرأة قبيحة أو مريضة أو عاجزة أو فقيرة قبحا أو مرضا أو عجزا أو فقرا ينفر منها الرجال ، ولحرَمها من أن يتزوجها محسن برضا زوجته الجميلة السليمة القادرة الغنية رغبة منهما في الإحسان إلى ذوي الاحتياجات الخاصة ، طلبا للأجر في الآخرة أو حتى رعاية لواجبات التكافل الاجتماعي داخل القبيلة أو غيرها من مكونات اجتماعية بشرية تتكافل فيما بينها ، ولو حرَّم وصار النساء أكثر من الرجال بسبب الحروب أو بغير سبب سوى إرادة من يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور سبحانه لحرَم بعض النساء من الزواج .
ب ـ إنه لأمر مذهل سكوت الفقهاء أو غفلتهم عبر القرون عن حقيقة أن الزواج في الأصل عقد رضائي شأنه شأن أي عقد رضائي بين طرفين لكل طرف أن يقبله أو أن يرفضه ولكل طرف إن قبله أن يشترط على الطرف الآخر أي شرط مشروع ، ومن الشروط المشروعة قبول التعدد أو عدم التعدد ، فللرجل أن يشترط على المرأة قبول التعدد إن شاءت أن تعيش معه وللمرأة أن تقبل شرطه أو أن تشترط هي عليه عدم التعدد من دون رضاها إن شاء أن يعيش معها .
ج ـ ليس هناك نص قرآني أو نبوي يحرِّم على المرأة أن تشترط على زوجها ألا يعدد من دون رضاها ؟
د ـ ليس كل ما أحله الله يحرم على العبد تحريمه ؛ لكن ما ألزمنا الله به هو الذي يحرم على العبد تحريمه ، أما ما أباحه الله دون إلزام فيجوز للعبد تحريمه على نفسه كما فعل يعقوب وأخبرنا القرآن عنه فقال ( كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ [03/آل عمران93]) وكما فعل نبينا محمد صلعم وأخبرنا القرآن عنه فقال ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [66/التحريم1]) أي ما أباح الله ، بدليل قوله : لك ، ولو كان إلزاما لكان عليه لا له ، وأما قوله (وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [66/التحريم1]) فليس المعنى غفور رحيم له فهو لم يذنب بل المعنى غفور رحيم لأزواجه لأنهن تآمرن عليه حتى ألجأنه إلى المشقة على نفسه إرضاء لهن بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ، وإذ يحق للمرأة أن تشترط على الرجل إن شاء العيش معها أن يفعل ما يحق له شرعا فعلُه وإذ يحق له شرعا أن يحرم على نفسه المباح وإذ التعدد مباح فلا تثريب على المرأة إذن في اشتراطها عليه عدم التعدد . يجوز للرجل إذن أن يعدد إن شاء وفي المقابل يجوز للمرأة أيضا أن ترفض هذا التعدد .
هـ ـ الناس إذن باختيارهم الحر من تلقاء أنفسهم لا بأمر الدين هم الذين عددوا رضاء أو ظلما ، وكل ما فعله القرآن إنما هو أنه قيد التعدد وزين عدم التعدد وحرم الظلم الذي منه إساءة استغلال رخصة التعدد ، وأما ما عدا ذلك فلم يفعل القرآن شيئا .
1 ـ أما تقييده التعدد فقوله ( مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ [04/النساء3]) أي لا أكثر كما كان قبل التقييد .
2 ـ وأما تزيينه عدم التعدد فقوله (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً [04/النساء3]) ومن من أهل التقى والورع لا يخاف ؟ !
3 ـ وأما إساءة استغلال رخصة التعدد فمنه أن تكون مع زوجة صالحة قائمة بكل حاجاتك الزوجية منها وقد نثرت لك أولادك من بطنها ولم يعد يسيرا عليها أن تعيش بعيدا عنك ، ثم تفاجئها بالزواج عليها بدون ضرورة وبتخييرها بين القبول أو الطلاق ، ناهيك بتخييرها بين القبول أو الخلع المضيع لمستحقاتها من مؤخر صداق أو نحوه .
و ـ إن القرآن لم يذكر التعدد استقلالا أصلا إنما ذكره ذكرا ثانويا تبعا لسياق تنفير عن زواج يهدد الإقساط في اليتامى ، كمن يريد أن يتزوج يتيمة ولا يثق أنه سيقسط إليها أو كمن يريد أن يتزوج أم يتامي ولا يثق أن أولادها آمنون من استئثاره بأمهم من دونهم . فنفر القرآن عن إهدار الإقساط بأسلوب توهمه البعض محاباة للرجال بينما حقيقته تقييد لهم ، فلم يكن الزواج واحدة فأطلقه القرآن إلى أربعة بل كان فوق أربعة فقيده القرآن بالأربعة .
ز ـ إن في البخاري ومسلم وغيرهما من جوامع الآثار المنسوبة إلى النبي أنه صلعم اعترض على زواج علي على فاطمة ابنته ، وبدلا من أن يقدُر العلماء ذلك التأويل النبوي للقرآن حق قدره فيعلموا منه أنه تطبيق من النبي للحق الذي لم يهدره القرآن حق المرأة في أن تطلب من وليها الاعتراض على الزواج عليها ، بدلا من ذلك أولوه تأويلات بعضها أبشع من بعض وأشد صدا عن سبيل الله من بعض .
1 ـ قال بعضهم إنها خصوصية للنبي من دون سائر الناس ولابنته من دون سائر النساء ، ومؤدى تأويلهم هذا أن الله حرم في القرآن على المرأة الاعتراض على التعدد واستثنى من ذلك النبي وابنته ، وهكذا استنبطوا من القرآن ما ليس بقرآن ، وهكذا جعلوا الله الحكيم يبخل على نبيه أن يوحي إليه في ذلك نصا قرآنيا يرفع عنه الحرج في خصوصية هي على ما يشتهيه النبي وابنته ويكتفي بأن يأذن له أن يشرع لنفسه فيها ما يشتهيه هو وابنته معرضا نفسه للشبهات وهو الذي كتم ما أباحه الله له نأيا بنفسه عن تلك الشبهات بأبي هو وأمي ، حتى عاتبه الله في ذلك فقال ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ [33/الأحزاب37]) وهو الذي حرم على نفسه ما أباحه الله له رحمة منه بزوجاته ورفقا بهن بأبي هو وأمي ، حتى عاتبه الله في ذلك فقال (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ [66/التحريم1]) وهو الذي قال لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها بأبي هو وأمي ، وهو الذي بدأ بربا عمه العباس فوضعه حين حرم الله كل الربا ، والأمثلة في مكارم أخلاقه ممتدة بامتداد حياته بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم .
2 ـ قال آخرون لأن رسول الله ـ زعموا ـ قال : أنا أتخوف أن تفتن في دينها ووالله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله أبدا ، وهكذا جعلوا رسول الله يضرب بعرض الحائط قول الله له في القرآن مرارا وتكرارا (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [06/الأنعام164]) (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [17/الإسراء15]) وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [35/فاطر18]) (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [39/الزمر7])
ح ـ أي فتنة تلك التي ستحيق بابنته من زواج علي بامرأة مسلمة صالحة رضي علي خلقها ودينها وليس هو بالمغفل ؟
1 ـ إن كانت لأنها بنت عدو الله فقد بدا مؤدى ذلك أنفا .
2 ـ وإن تكن لشدة غيرة فاطمة فمن من النساء لا تغار ومن أحق ممن وبأي حق ؟
ط ـ إن الله تعالى أحكم وأرحم وأكرم من أن يبخل على نبيه بتشريع قرآني في خصوصية يشتهيها النبي ولو كان القول بتلك الخصوصية صحيحا لنزل بها قرآن كما نزل حين أحل الله لنبيه من النساء من فوق الأربع خصوصية خالصة له من دون المؤمنين إذ قال ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [33/الأحزاب50])
ي ـ إن اعتراض النبي صلعم على زواج علي على فاطمة إن صح لهو تأويل نبوي ناطق بأن من حق المرأة الاعتراض ، وأما القول بعدم الجمع بين بنت رسول الله وبين مسلمة أخرى لأنها بنت عدو الله عند زوج واحد فقول يبرأ منه خلق النبي ودينه براءة الذئب من دم يوسف . إنه لقول باطل متنا وسندا ، أما متنا فلما يترتب عليه من شنيع المآل كما استبان آنفا ، وأما سندا فلأنه من طرق آحاد مدلسين لم يصرح أي منهم بالسماع ، ومن طريق ثقة فرد شاذ مخالف لجمع ثقات فيهم اثنان كل منهما أوثق منه ومن طريق ثقة فرد شاذ آخر خالف جمع ثقات عددهم ثمانية ، كما يلي
خلاصة حديث اعتراض النبي صلعم على زواج علي على فاطمة
تحقيق زيادة أنا أتخوف أن تفتن في دينها ووالله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله أبدا
من خلال موسوعتين على حاسوب ، موسوعة متون بها نحو 300000 تخريجة أو موضع نص بإسناده وموسوعة رجال بها نحو 170000 ترجمة راو بالمكرر تم استخلاص 60 موضعا أن النبي صلعم اعترض على زواج علي على ابنته فاطمة منها 25 موضعا ورد بها زيادة بلفظ لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله أبدا ومن هذه الخمسة والعشرين 19 موضعا ورد بها زيادة أخرى بلفظ أتخوف وفي بعضها أكره أن تفتنوها وفي بعضها يفتنوها وفي بعضها تفتتن وفي بعضها تفتن في دينها وفي بعضها يسوءها ، فإذا هاتان الزيادتان لا يسلم منهما موضع واحد من راو غير ثقة ، أو ثقةٍ لكن مدلس معنعن ، أو شاذ مخالف لأوثق منه .
فمن هذه المواضع 13 تدور على الزهري وهو مدلس معنعن حتى بصيغة أخبرني ( )
ومنها 5 تدور على إبراهيم بن سعد وهو مدلس معنعن ( )
ومنها 1 عن خالد الحذاء وهو مدلس معنعن ( ) عن عكرمة وهو مدلس معنعن ( ) بل مختلف فيه بين مصدق ومكذب ( )
ومنها 1 عن عبد الرزاق وهو مدلس معنعن ( ) عن بن عيينة وهو مدلس معنعن ( ) عن عمرو بن دينار وهو مدلس معنعن ( )
ومنها 1 عن أيوب وهو مدلس معنعن ( ) عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ويخشى أن يكون من المدلسين ( )
ومنها 1 عن حماد بن سلمة وهو مدلس معنعن ( ) عن علي بن زيد وهو مدلس معنعن ( ) بل ضعيف ( )
ومنها 1 عن شعيب وهو مدلس معنعن ( )
ومنها 1 عن بشر بن السري وهو ثقة ( ) لكنه شاذ مخالف لجمع ثقات زاد هذه الزيادة من دونهم عن الليث بن سعد وهم ثمانية أبو الوليد الطيالسي وأحمد بن عبد الله بن يونس وسفيان بن عيينة وشبابة بن سوار وشعيب بن الليث وعيسى بن حماد المصري وقتيبة بن سعيد وهاشم بن القاسم الليثي
ومنها 1 عن سعيد بن محمد الجرمي وهو ثقة فيه تنطع مريب إذ كان إذا حدث فجاء ذكر النبي صلى الله عليه وسلم سكت وإذا جاء ذكر علي بن أبي طالب قال صلى الله عليه وسلم ( ) وهو هنا شاذ مخالف لجمع ثقات زاد زيادة من دونهم عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه إذ جعل أباه المدلس مصرحا بالسماع من دونهم ومنهم اثنان كل منهما أوثق منه هم عبيد الله بن سعد بن إبراهيم ( ) وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين
زاده تحريرا فجر 25/10/2014 بالقاهرة لمن يطلبه ولمزيد بيان على منتداه www . al7k . forumegypt . net منتدى متولي إبراهيم صالح على الشبكة العنكبوتية [جوجل] هاتف 01227972399 أزهري حصل من جامعة الأزهر على ليسانس الشريعة والقانون وليسانس اللغة العربية وبكالوريوس الهندسة ودرس علوم القرآن الكريم والقراءات القرآنية في كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وتتلمذ في علوم الحديث النبوي الشريف على يدي شيخ السلفيين في العالم كله اليومَ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى ، ولا يقلد أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا دليل ، لا سيبويهِ في النحو ولا الشافعيَّ في الفقه ولا البخاريَّ في التصحيح أو التضعيف ، ولا يعبد من دون الله آلهة أخرى ، لا التوثيق المطلق للمجاهيل بالسبر الجزئي بلا دليل ، ولا توثيقهم لمجرد أن روى عنهم أي ثلاثة بلا دليل ، ولا عنعنات بعض المدلسين في كل الكتب بلا دليل ، ولا عنعنات كل المدلسين في بعض الكتب بلا دليل ، تلك الآلهة التي من خلالها ألصق بالإسلام ما ليس منه ، فانصد الناس ولا يزالون حتى اليومِ منصدين عنه خائفين منه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون .