المؤتمر الصحفي لسماحة العلاّمة السيد علي الأمين، عضو مجلس حكماء المسلمين، يشرح وجهة نظره ويرد على حملة افتراءات “حزب الله”:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام عل جميع جميع الأنبياء والمرسلين وعلى جميع عباده الصالحين قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن، إن بعض الظن إثم ). وقال تعالى: ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى) وعن نبينا الكريم صلى الله عليه وآله أنه قال: ( إياكم والظن فإنه أكذب الحديث) وعن السيد المسيح عليه السلام أنه قال: ( يا عبيد السوء، تلومون الناس على الظن ولا تلومون أنفسكم على اليقين). إنّ موجبات عقد هذا المؤتمر الصحفي، أملتها حملات طاولتني من التخوين والإفتراء والتّهديد، قام بها قبل أيام حزب الله والتابعون له من رجال دين وجمعيات وأفراد، وقد انضمت إليه فيها المؤسسة الدينية الشيعيّة الأم في لبنان. وقد انطلقت هذه الإفتراءات من زعم التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي لمشاركتي في مؤتمر حوار الأديان الذي انعقد في مملكة البحرين قبل عشرة أيام تقريبا. وقد شاركت في مؤتمر الحوار بين الأديان هذا ولم أكن على علم بجنسيات المشاركين فيه ولا بأشخاصهم ولا بأسمائهم، ومن المعلوم أن مؤتمرات الحوار بين الأديان تحضر فيها شخصيّات من مختلف الأديان، فهي ليست مؤتمرات للحوار داخل الدّين الواحد بل بين الأديان وفي مثلها يكون البحث ذا طبيعية فكرية وثقافية يتناول المشتركات بين الأديان وسبل التّلاقي والحوار بين الشعوب، ولا علاقة لها بالسياسة والسياسيين، ولا بالدول والحاكمين. وقد شارك في المؤتمر المذكور شخصيّات عديدة، وكان منها ممثل الدولة اللبنانية السفير اللبناني في مملكة البحرين وغيره من سفراء عرب، كان منهم سفير فلسطسن ووفد مشارك يمثل مفتي القدس ووفد من الكنيسة القبطية يمثّل البابا تواضروس ورجال دين من لبنان، وغيره من مختلف الأديان والمذاهب، ولم يحصل أي لقاء شخصي بيني وبين الشخصية اليهودية التي حضرت في اليوم الثاني من المؤتمر، ولم أكن على علم مسبق بحضورها. وهذه الحملات من التخوين، جاءت تتويجاً لمجموعة من الحملات القديمة التي كان يقوم بها حزب الله ضدّي شخصيّاً لرفضي القديم الجديد المشروعَ الإيراني الذي يحملونه في لبنان والمنطقة، ولمطالبتي الدائمة عندما كنت في الجنوب بمشروع الدّولة وانتشار الجيش فيه وحصر السّلاح بالمؤسسات العسكريّة والأمنيّة على كلّ الأراضي اللبنانية. إنّ الخلاف مع الثنائي الحزبي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) ليس جديداً. فهو يعود إلى سنوات عديدة خلت وعقود مضت سبقت إبعادهم لي من الجنوب في أحداث السابع من أيار 2008 بقوّة السلاح. واستمرّت معارضتي لسياسة أتباع الرؤية الإيرانية وحلفائهم من أنصار نظام ولاية الفقيه التي تقوم على منع الرأي الآخر وشيطنته لزعمهم أنّ الوليّ الفقيه يمثّل حكم الله على الأرض، فمن يعارضه أو يعارض أدواته فهو خائن ومعارض لله ورسوله. فالسبب وراء هذه الحملات، القديمة الجديدة، يعود إلى معارضتي المستمرّة لسياسة الثنائي الحزبي الشيعي، فلم يكن وقوفي إلى جانب الإنتفاضة الشعبية اللبنانية المباركة، ورفضي لمحاولات قمعهم وشيطنتهم لها، المعارضةَ الأولى لهم ولن تكون الأخيرة، وسأبقى معارضاً لسياستهم القائمة على الإستبداد والبطش والهيمنة والعاملة على تربية جيل من الطائفة الشيعية يجنح نحو الطائفيّة البغيضة كما ظهر من هتافات أتباعهم (شيعة شيعة)، وهي من ثمار قيادة الثنائي، وكما قال السيد المسيح عليه السلام ( من ثمارهم تعرفونهم) إنّ سياستهم جلبت وتجلب الضرر للطائفة الشيعية وأوجدت لهم خللاً مع شركائهم في الوطن ومع محيطهم وشعوبهم العربية. ولن ترهبني كلّ تلك التّهديدات والإتهامات التي جاءت لصرف الأنظار عن المطالب المشروعة لانتفاضة الشعب اللبناني وتطلّعاته نحو تحقيق العدالة الإجتماعية وقيام دولة الإنسان المدنيّة المبنيّة على قاعدة المواطنة العابرة لأحزاب وزعامات المذاهب والطّوائف والمحاصصات الطائفيّة الّتي تسبّبت بكل هذا الفساد والمآسي الّتي يعيشها لبنان اليوم. ومن العجب العجاب أنّ السيد علي الأمين الذي بقي مع أهل الجنوب في المحن التي أصابتهم من الإعتداءات الإسرائيلية خصوصا في عام 93 و 96 وعدوان تموز 2006، وهو الذي وقف ضدّ الثنائي الشيعي في فتنة اجتياح بيروت في السابع من آيار 2008 وضدّ تدخّل حزب الله في فتنة القتال الأهلي على الأراضي السوريّة، أن تقوم المؤسسة الدينية الشيعيّة الأم الّتي أسّست لاستيعاب كل الآراء داخل الطّائفة الشيعية والتي قال مؤسسها الإمام الصدر ( الوحدة الوطنية أفضل وجوه المقاومة لإسرائيل)، أن تقوم هذه المؤسسة اليوم باتهام السيد علي الأمين بالسعي إلى الفتنة وتدّعي أن عزله من الإفتاء كان لإحداثه الفتنة بين اللبنانيين وهي المؤسسة التي كانت غطاءاً دينيّاً لفتنة اجتياح بيروت وفتنة القتال الأهلي في سوريا، وفيها يصدق ما قاله العرب في أمثالهم (رمتني بدائها وانسلّت …) ومن العجب أيضا أن يُستدعى السيد علي الأمين للمثول أمام دائرة الأمن القومي في مديرية الأمن العام بعد كلّ تلك المواقف ضدّ العدوّ الإسرائيلي والمواقف التي وقفها مدافعا عن مشروع الدّولة ومطالبا بسيادتها الكاملة على أرضها منذ ثمانينات القرن الماضي والرافضة لسيطرة الميليشيات المسلّحة وسعيها الدّائم إلى تفكيك الدّولة والهيمنة عليها وهو القائل منذ زمن بعيد: ( أخرجوا من أسوار الطائفية وسجون المذهبية إلى رحاب العيش المشترك). ولسنا من دعاة المخالفة للقانون إن كان ما يسمّى ما صدر عن الأمن العام من استدعاءٍ يحمل صفة القانون فنحن من أوائل الدّعاة لدولة المؤسسات والقانون واحترامها بما في ذلك مؤسسة الأمن العام. وأخيراً نقول لهؤلاء المتسلّطين بسلاحهم الخارج عن القانون والمستبدّين بآرائهم والمتشبّثين بمناصبهم الدّينية والدّنيويّة ما قاله الإمام علي عليه السلام لبعض أصحابه: ( كأنّهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول : – تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوّا في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتّقين – … بلى، لقد سمعوها ووعوها ولكنّهم حليت الدّنيا في أعينهم وراقهم زبرجها … ) وأختم القول بهذا الدّعاء: اللّهمّ أصلح بيننا وبين قومنا بالحقّ واهدنا وإيّاهم سواء السبيل) وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

https://youtu.be/UyGqqaWkpyw