كانت بسيطة فى شكلها مميزة بفكرها كانت أحلامها تسبق سنها بكثير إنها "سلمى" الفتاة ذات الوجه الملائكى كانت مدركة أن وصولها لطموحها قد يكلفها الكثير قد يجعلها تحارب حتى نفسها، ولكن الشىء التى كانت تثق به ثقة عمياء أنها لن تكفر يوما بمعتقداتها، فهى أسيرتها بل هى أسلحتها التى ستكمل بها فى دروب الحياة وبين أزقة الآمال والأحلام . تساءلت كثيرا لماذا خلقت فى بلد يملؤه الفقر؟، ولماذا لم تكن تلك الفتاة المثقفة الجميلة الغنية ولكن بدون جدوى فوحدة القدر من كان باستطاعته أن يعطيها جوابا مقنعا ولكن ليس للأقدار لسان ينطق ولا عقل يفكر بل هو خادم الإله فقط أكملت سلمى مسارها الدراسى وجعلت من الكتاب رفيق دربها وحبيبها وكاتم أسرارها فهو الشىء الذى ترى به وفيه نور المستقبل، فهو المؤنس الذى لا يمل ولا يغدر ولكنها لم تكن تعلم أن الأحلام أحيانا قد تنقلب إلى كوابيس مزعجة قد تقتل الآمال والطموح فى رمشة عين، لم تكن تعلم سلمى أن للعلم تتمة وأن الأصعب هو القادم انتظرت كثيرا بين أوراق حبيبها، بين صفحات رفيق عمرها، ولكنها بدأت توقن يوما بعد يوم أنها تخسر شغفها بالأحلام وتنزلق الآمال من الحياة ولكنها أصرت أن تكمل أن تناضل أن تحارب من أجل حلمها وعقيدتها، واصلت حياتها بين أزقة وشوارع الوطن تحت أمل أن تكون كما تمنت كما وعدت والديها الذى التهم عظامهما سقيع الفقر، كانت ترى فى عينى أمها الترقب وفى وجه والدها الخوف من انتهاء الحلم إلى كابوس قاتل وقاتم . حاولت مرة تلو الأخرى ولكنها فشلت كثيرا فى إيجاد وسيلة لبداية تحقيق ما تأملته بين أوراق وسطور المناهج وبين حروف وصفحات الكتب التى لم تعتبره خائنا إلى اليوم فهو مصدر إلهامها ومصدر سعادتها فبه تنسى فشلها وتنسى موت أحلامها، عبر صفحاتها فقط تشرق شمس ابتسامتها وتبنى آمالا جديدة فى فجر كل يوم جديد. ما بين ألياس والإحباط والأمل والانكسار كان سر وجودها، كان منبع إصرارها فى المضى مرة تلو الأخرى فلن تسمح لأحلامها بأن تدفن ولا لآمالها أن تغتصب ولا لوجنتى أمها أن تملأهما الدموع، سلمى تلك الطفلة التى كبرت سريعا لن تسمح بأن يمتلك الخوف عقل وقلب والدها وليس فقط وجهه الشاحب المنتظر قدوم الفرج، أمنت، حلمت وتعلمت وصارت للكتب وأوراقه صديقة درب فلن تستسلم ولن تيأس، بل ستظل تحاول وتحاول فهى على قناعة تامة أن كما أن الأقدار مجرد خادم للإله فهى لها مكانة أكبر وأعمق فهى أسيرة الإله، حبيبة الإله، ففى سر وجودها هى وأحلامها حسن الظن الجميل بالله وكفى فكيف لها أن تذرف دموعا وتستسلم، وهى فى حماية وعدل الله. وها هى سلمى ما زالت تناضل من أجل أحلامها من أجل رفيقها الذى علمها ويعلمها الكثير كل يوم، من أجل هاذين الفقيرين اللذين يران فيها الأمل والحياة لها ولهما، فلا حياة مع اليائس ولا كفر مع معتقدات مرسخة كالصخور فى الجبال.