لا شك في أن قيادة السيارة هي إحدى ابرز المهمات التي يوليها الأطفال اهتماماً خاصاً منذ سنواتهم الأولى. وهم يتمنون لو انهم يستطيعون التحكم بها والسيطرة عليها. وفي عمر المراهقة تبدأ ملامح الرغبة في الحصول على المفاتيح خلسةً والذهاب في نزهةٍ سريعة يكتشفون خلالها قواعد القيادة وكيفيّتها. واقعيّاً، اللجوء الى هذه الطرق لاكتشاف السيارة خاطئ، وغير مسؤول ومتهوّر. لكن اندفاع المراهق في هذه المرحلة من عمره حقيقيّ، ومن الضروري ان يتولّى الأهل مساعدته في التعرّف الى تفاصيل السيارة وطريقة القيادة، بدلاً من القول انتظر حتى تكبر أكثر. ليس من الضروري ان يقودها في بادئ الأمر، لكن معرفته بأصولها أمرٌ ايجابيّ. يكمن ذلك في تدارك مسألة ان تتراجع حماسته مع الوقت، وان لا يهتم الى مسألة القيادة حين يتقدّم به العمر. من هنا لا بدّ من القول أن السن المثالية لتعرّف الولد الى تفاصيل عمليّة القيادة قد تتمثّل في مرحلة الطفولة عند بلوغه 4 سنوات، في حال كان شغوفاً بها. ومن يعلم قد يصير مهندساً ميكانيكيّا عندما يكبر، كما يصير العازف متمرّساً منذ صغره.
أما العمر المناسب كي يختبر الولد الصعود الى مقود السيارة للمرّة الأولى، فيستحسن ان تتمثّل في مرحلة المراهقة، عند بلوغه عامه الـ 14، دون ان تكون تلك المحاولة جديّة. يكفي ان يختبر التفاصيل في مكانٍ خاص بعيد من وجود السيارات، او في ملعب خاص لتعليم اصول القيادة. وتتوالى المحاولات تباعاً دون ان تؤثّر في الاهتمامات الحياتية الأخرى كالدراسة والهوايات الشخصيّة. وحرصاً على السلامة العامة، واحتراماً للقوانين، يجب ان تكون هذه المحاولات في أمكنة خاصّة الى جانب وجود الأب او خبراء في عالم القيادة يطلعونه على اشارات المرور و قوانين السير ويحثونه على احترامها. يجب على الأهل في هذه المرحلة ان يحرصوا على تشجيعه على القيادة وعدم تأنيبه في حال أخطأ أو تعثّر أو انحرف عن المسار. هذا أمرٌ طبيعيّ لا بدّ منه، ويجب تكرار المحاولات والتجارب بشكلٍ دائم.
اما قيادة الأولاد الفعليّة للسيارة، فهي مرحلة تلي مرحلة العداد الجدي لها، وذلك بعد حصوله على إجازة السواقة واجتياز امتحان السواقة بالمسألة. أي بعد بلوغه سنّ الرشد، حيث يتمكّن فعليّاً من تحمّل مسؤوليته الشخصية تجاه نفسه وتجاه الآخرين. وفي حال ارتبطت سلوكاته في القيادة بالتهوّر والتسرّع واللجوء الى الاستعراض السلبي، عندها لا بد من اتخاذ موقفٍ حازم واللجوء الى الحوار كأسلوبٍ بنّاء للوصول الى حدود مرضية. وفي حال تعذّر ذلك، لا بد من دعوته الى حضور الندوات الارشادية التي تهدف الى التوعية حول مخاطر القيادة المسرعة. ويجب ان تترافق هذه الخطوات مع اولى مراحل تعلّمه للقيادة، كي يكتسب التفاصيل الايجابية تلقائيّاً، وليس بعد فوات الأمان. من هنا تبرز ضرورة الفحص النظري للسواقة الى جانب الفحص العمليّ للسواقة . ذلك يساهم في تنشئة سائق خلوق.